في قلب جبال تازة الشامخة، وتحديدا في دوار بوخالد بجماعة الزراردة، تشق شابة طموحة طريقها نحو النجاح بخطى واثقة.. إنها ابتسام الملالي، البالغة من العمر 24 ربيعا، التي تجسد قصة كفاح ملهمة لجيل كامل من الشباب المغربي.

حاصلة على الإجازة في الدراسات الإنجليزية، لم تكتف ابتسام بشهادتها الجامعية، بل قررت أن تحول تحديات منطقتها الجبلية إلى فرص استثمارية واعدة، فبعد حصولها على رخصة الإرشاد السياحي، أطلقت مشروعها الخاص، مأوى سياحي في قلب المنطقة الجبلية الوعرة، متحدية كل الصعاب الطبيعية والاجتماعية
“لم أرد أن أكون مجرد رقم يضاف إلى إحصائيات البطالة”، تقول ابتسام الملالي بثقة وهي تتحدث عن مشروعها، مضيفة: “أردت أن أخلق فرصتي بنفسي وأن أساهم في تنمية منطقتي”، وبالفعل، استطاعت بإمكانياتها البسيطة وبدعم من والديها المؤمنين بقدراتها، أن تحول حلمها إلى حقيقة ملموسة.
يتميز مشروع ابتسام بكونه أكثر من مجرد مأوى سياحي، إنه منصة لتعريف العالم بجمال وأصالة منطقة تازة، تستقبل السياح المحليين والأجانب، مستثمرة إتقانها للغة الإنجليزية في التواصل مع زوارها وتقديم تجربة سياحية فريدة تمزج بين الطبيعة الخلابة والثقافة المحلية الغنية.
“التحديات كثيرة” تعترف ابتسام، “لكن إصراري على النجاح أكبر”، فمن صعوبة الوصول إلى المنطقة، إلى محدودية الموارد، ومن نظرة المجتمع المحافظ لفكرة امرأة شابة تدير مشروعا سياحيا، واجهت ابتسام كل هذه التحديات بابتسامة تعكس اسمها وعزيمة لا تلين.
لم يقتصر طموح ابتسام على نجاح مشروعها فحسب، بل امتد ليشمل تمكين شباب المنطقة وخاصة الفتيات، فهي تؤمن بأن السياحة يمكن أن تكون محركا أساسيا للتنمية المحلية وفرصة حقيقية للحد من البطالة، “أريد أن أثبت أن الشباب المغربي قادر على الإبداع والنجاح حتى في أصعب الظروف”، تؤكد ابتسام بحماس.
يشكل المأوى السياحي الذي أسسته نموذجا للمشاريع المستدامة التي تحترم البيئة وتحافظ على التراث المحلي، فهي تحرص على استخدام مواد البناء المحلية، وتوظيف أبناء المنطقة، وتقديم المأكولات التقليدية، مما يجعل تجربة زوارها أصيلة وفريدة.
مستقبل ابتسام يبدو مشرقا كابتسامتها الدائمة، فهي تخطط لتوسيع مشروعها وتطويره ليشمل أنشطة سياحية متنوعة، وتحلم بإنشاء شبكة من المرشدين السياحيين الشباب في المنطقة، وتقول “نحن نملك كنزا سياحيا في جبالنا” مضيفة “وواجبنا أن نستثمره بشكل مسؤول لخدمة مجتمعنا”، وفق تعبيرها.
قصة ابتسام الملالي هي قصة نجاح ملهمة تثبت أن الشغف والإصرار والعمل الجاد يمكن أن يحول الأحلام إلى واقع، حتى في أصعب الظروف، فمن قلب الجبال الوعرة، تضيء هذه الشابة الطموحة شعلة أمل لجيل كامل، مؤكدة أن مستقبل المغرب يكمن في شبابه المبدع والمثابر.
وفي رسالة موجهة لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تؤكد ابتسام الملالي على ضرورة الالتفات إلى المبادرات الشبابية في المناطق الجبلية الوعرة، قائلة “نحن بحاجة إلى دعم حقيقي من الوزارة، ليس فقط ماديا، بل أيضا تقنيا ولوجستيا”، مضيفة “هناك العديد من الشباب مثلي يحاولون خلق فرص سياحية في مناطق نائية، ويواجهون تحديات كبيرة، و دعم الوزارة سيكون حافزا قويا لتطوير السياحة الجبلية وخلق فرص عمل جديدة”.
وتحظى ابتسام بدعم معنوي مهم من السلطات المحلية، حيث يحرص عامل إقليم تازة على زيارة مشروعها بشكل دوري، مشجعا إياها على المضي قدما في مسيرتها، وقالت إن “زيارات عامل الإقليم تمنحني دفعة معنوية كبيرة” مشيرة إلى أن اهتمام المسؤول الإقليمي “بمشروعها وتشجيعه المستمر يؤكد أن السلطات المحلية تؤمن بقدرات الشباب و بأهمية المبادرات السياحية في تنمية المناطق الجبلية”

Comments